تاريخ تطور الطائرات المسيّرة: من الفكرة الأولى إلى الاستخدامات العسكرية والمدنية

يعود تاريخ فكرة الطائرات المسيّرة إلى عام 1894، حين قرر الجيش النمساوي استخدام مناطيد محمّلة بالمتفجرات في محاولات انتقامية ضد سكان مدينة "فينيسا" المتمردين. على الرغم من بُعد هذه الفكرة عن التكنولوجيا المتطورة التي نعرفها اليوم، إلا أنها كانت البداية الأولى لفكرة الطائرات المسيّرة، التي لم تكن أكثر من حلم تجريبي وقتها.
البداية التجريبية للطائرات المسيّرة
في عام 1917، كانت بريطانيا تُجري أولى تجاربها على طائرة "Aerial Target"، التي كانت من أولى الطائرات التي يمكن توجيهها عن بُعد. بعد عام واحد، أطلق الأمريكيون تجربتهم الخاصة مع "كيترينج باج Kettering Bug"، التي أُطلق عليها اسم "الطوربيد الجوي"، إلا أن الحرب العالمية الأولى انتهت قبل أن ترى هذه الطائرات الخدمة الفعلية في ساحات المعركة.
استمر التطور ببطء بين الحربين العالميتين، حيث كانت التجارب تستمر بشكل محدود، حتى عام 1935، عندما عاد البريطانيون لإظهار قدراتهم مع نماذج من الطائرات المسيّرة التي تعمل بواسطة الراديو. ولكن لم يتم استخدام هذه الابتكارات بشكل واسع، حتى ظهرت حرب فيتنام التي غيّرت المشهد العسكري بشكل كامل.
حرب فيتنام والمرحلة الفعلية للطائرات المسيّرة
في الستينيات من القرن العشرين، كانت الطائرات المسيّرة تدخل الخدمة بشكل فعّال في حرب فيتنام، حيث ظهرت طائرة "فايربي Firebee"، التي كانت أول طائرة مسيّرة تُستخدم في مهام قتالية حقيقية. وقد كانت تلك الطائرة قادرة على جمع المعلومات الاستخباراتية بدقة عالية دون تعريض حياة الطيارين للخطر. سرعان ما أصبحت جزءًا أساسيًا من عمليات الاستطلاع في فيتنام وفي مناطق أخرى مثل كوريا الشمالية والصين.
التطورات الكبيرة في الطائرات المسيّرة
بحلول السبعينيات والثمانينيات، استمرت قدرات الطائرات المسيّرة في التحسن بفضل التطور الهائل في تقنيات الإلكترونيات وأجهزة الاستشعار، مما سمح لها بالقيام بمهام أوسع وأكثر تنوعًا. ثم جاء التحول الكبير في أواخر التسعينيات مع تقديم طائرة "المفترس Predator" من قبل شركة "جنرال أتوميكس"، التي كانت في البداية منصة استطلاع طويلة المدى، قبل أن تُسلّح بصواريخ "هيلفاير"، لتصبح أداة هجومية دقيقة.
الانتشار العالمي والتطبيقات الحديثة
بحلول الألفية الثالثة، لم تعد الطائرات المسيّرة محصورة في الولايات المتحدة وبريطانيا، بل أصبحت جزءًا أساسيًا في جيوش العديد من الدول حول العالم، حيث أصبحت تستخدم ليس فقط في العمليات العسكرية، بل أيضًا في العمليات المدنية مثل الترفيه والمراقبة والمساعدة في حالات الطوارئ.
أصل كلمة "درون"
أما عن تسمية "درون"، فهي تعود إلى الثلاثينيات من القرن العشرين، حيث أُطلق هذا الاسم على الطائرات ذات الجناحين (البايبلان)، التي كانت تُصدر صوتًا يشبه طنين النحل أثناء تحليقها. مع مرور الوقت، أصبحت الكلمة تُستخدم للإشارة إلى أي طائرة لا يُقودها طيار بشري، سواء كانت عسكرية أو مدنية.
الطائرات المسيّرة (الدرونز) لم تعد مجرد أداة عسكرية بل أصبحت جزءًا من حياة الإنسان اليومية، حيث يتم استخدامها في مجموعة متنوعة من المجالات من الاستطلاع العسكري إلى الهوايات المدنية. وعلى الرغم من جذور هذه الفكرة في تجارب أولية بدائية منذ أكثر من مائة عام، فإنها اليوم تمثل نقلة نوعية في التكنولوجيا العسكرية والمدنية على حد سواء.